فصل: أمر اليهود المؤمنين بالبخل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **


 أمر اليهود المؤمنين بالبخل

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان كردم بن قيس ، حليف كعب بن الأشرف ، وأسامة بن حبيب ، ونافع بن أبي نافع ، وبحري بن عمرو ، وحيي بن أخطب ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، يأتون رجالا من الأنصار كانوا يخالطونهم ، ينتصحون لهم ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فييقولون لهم ‏‏:‏‏ لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون ‏‏.‏‏

فأنزل الله فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ‏‏)‏‏ ، أي من التوراة ، التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ‏‏(‏‏ وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ‏‏.‏‏ والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وكان الله بهم عليما ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 اليهود لعنهم الله يجحدون الحق

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود ، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه ، وقال ‏‏:‏‏ أرعنا سمعك يا محمد ، حتى نُفهمك ، ثم طعن في الإسلام وعابه ‏‏.‏‏ فأنزل الله فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ‏‏.‏‏ والله أعلم بأعدائكم ، وكفى بالله وليا ، وكفى بالله نصيرا ‏‏.‏‏ من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ، ويقولون سمعنا وعصينا ، واسمع غير مُسمَع ، وراعنا ‏‏)‏‏ ، أي راعنا سمعك ‏‏(‏‏ لَيَّاً بألسنتهم ، وطعنا في الدين ، ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا ، لكان خيرا لهم وأقوم ، ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود ، منهم عبدالله بن صوريا الأعور ، وكعب بن أسد ، فقال لهم ‏‏:‏‏ يا معشر يهود ، اتقوا الله وأسلموا ، فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق ، قالوا ‏‏:‏‏ ما نعرف ذلك يا محمد ‏‏:‏‏ فجحدوا ما عرفوا ، وأصروا على الكفر ‏‏.‏‏

فأنزل الله تعالى فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها ، أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت ، وكان أمر الله مفعولا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 تفسير ابن هشام لبعض الغريب

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ نطمس ‏‏:‏‏ نمسحها فنسويها ، فلا يُرى فيها عين ولا أنف ولا فم ، ولا شيء بما يرى في الوجه ؛ وكذلك ‏‏(‏‏ فطمسنا أعينهم ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ المطموس العين ‏‏:‏‏ الذي ليس بين جفنيه شق ‏‏.‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ طمست الكتاب والأثر ، فلا يُرى منه شيء ‏‏.‏‏ قال الأخطل ، واسمه الغوث بن هبيرة بن الصلت التغلبي ، يصف إبلا كلفها ما ذكر ‏‏:‏‏

وتكلِيفُناها كل طامسة الصُّوى * شَطون ترى حِرباءها يتململُ

وهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ واحدة الصُّوى ‏‏:‏‏ صُوّة ‏‏.‏‏ والصُوى ‏‏:‏‏ الأعلام التي يُستدل بها على الطرق والمياه ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يقول ‏‏:‏‏ مُسحت فاستوت بالأرض ، فليس فيها شيء ناتىء ‏‏.‏‏

 من حزب الأحزاب

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان الذين حزّبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة ‏‏:‏‏ حيي بن أخطب ، وسلام بن أبي الحقيق ، أبو رافع ، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق ، وأبو عمار ، ووَحْوح بن عامر ، وهوذة بن قيس ‏‏.‏‏ فأما وحوح ، وأبو عمار ، وهوذة ، فمن بني وائل ، وكان سائرهم من بني النضير ‏‏.‏‏ فلما قدموا على قريش قالوا ‏‏:‏‏ هؤلاء أحبار يهود ، وأهل العلم بالكتاب الأول ، فسلوهم ‏‏:‏‏ دينُكم خير أم دين محمد ‏‏؟‏‏ فسألوهم ، فقالوا ‏‏:‏‏ بل دينكم خير من دينه ، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 تفسير ابن هشام لبعض الغريب

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الجبت عند العرب ‏‏:‏‏ ما عبد من دون الله تبارك وتعالى ‏‏.‏‏ و الطاغوت ‏‏:‏‏ كل ما أضل عن الحق ‏‏.‏‏ وجمع الجبت ‏‏:‏‏ جبوت ؛ وجمع الطاغوت ‏‏:‏‏ طواغيت ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبلغنا عن ابن أبي نجيح أنه قال ‏‏:‏‏ الجبت ‏‏:‏‏ السحر ؛ والطاغوت ‏‏:‏‏ الشيطان ‏‏.‏‏

‏‏(‏‏ ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ إلى قوله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ، وآتيناهم ملكا عظيما ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 إنكار اليهود التنزيل

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال سُكين وعدي بن زيد ‏‏:‏‏ يا محمد ، ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ، وأوحينا إلى إبراهيم و إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان ، وآتينا داود زبورا ‏‏.‏‏ ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ، ورسلا لم نقصصهم عليك ، وكلم الله موسى تكليما ‏‏.‏‏ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، وكان الله عزيزا حكيما ‏‏)‏‏ ‏‏.‏

ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة منهم ، فقال لهم ‏‏:‏‏ أما والله إنكم لتعلمون أني رسول من الله إليكم ؛ قالوا ‏‏:‏‏ ما نعلمه ، وما نشهد عليه ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ لكنِ الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ، وكفى بالله شهيدا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 اتفاقهم على طرح الصخرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية العامريَّيْن اللَّذَيْن قتل عمرو بن أمية الضمري ‏‏.‏‏ فلما خلا بعضهم ببعض قالوا ‏‏:‏‏ لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن ، فمن رجل يظهر على هذا البيت ، فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه ‏‏؟‏‏ فقال عمرو بن جحاش بن كعب ‏‏:‏‏ أنا ؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فانصرف عنهم ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيه ، وفيما أراد هو وقومه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ، فكف أيديهم عنكم ، واتقوا الله ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 ادعاؤهم أنهم أحباء الله

وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء ، وبحري بن عمرو ، وشأس بن عدي ، فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الله ، وحذرهم نقمته ؛ فقالوا ‏‏:‏‏ ما تخُوفنا يا محمد ، نحن والله أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق ، يغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء ، ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

 إنكارهم نزول كتاب بعد موسى عليه السلام

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه ، وحذرهم غير الله وعقوبته ، فأبوا عليه ، وكفروا بما جاءهم به ، فقال لهم معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب ‏‏:‏‏ يا معشر يهود ، اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، و لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ؛ فقال رافع بن حريملة ، ووهب بن يهوذا ‏‏:‏‏ ما قلنا لكم هذا قط ، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يُبَيِّن لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فقد جاءكم بشير ونذير ، والله على كل شيء قدير ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

ثم قص عليهم خبر موسى وما لقي منهم ، وانتقاضهم عليه ، وما ردوا عليه من أمر الله حتى تاهوا في الأرض أربعين سنة عقوبة ‏‏.‏‏

 رجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حكم الرجم

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلا من مزينة ، من أهل العلم ، يحدث سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثهم ‏‏:‏‏ أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس ، حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت ، فقالوا ‏‏:‏‏ ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد ، فسلوه كيف الحكم فيهما ، وولوه الحكم عليهما ، فإن عمل فيهما بعملكم من التَّجْبِية - والتجبية ‏‏:‏‏ الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم تسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، وتجُعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين - فاتبعوه ، فإنما هو ملك ، وصدقوه ؛ وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه ‏‏.‏‏

فأتوه ، فقالوا ‏‏:‏‏ يا محمد ، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما ، فقد وليناك الحكم فيهما ‏‏.‏‏ فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال ‏‏:‏‏ يا معشر يهود ، أخرجوا إلي علماءكم ، فأخرج له عبدالله بن صوريا ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد حدثني بعض بني قريظة ‏‏:‏‏ أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ ، مع ابن صوريا ، أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا ، فقالوا ‏‏:‏‏ هؤلاء علماؤنا ‏‏.‏‏ فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى حصّل أمرهم ، إلى أن قالوا لعبدالله بن صوريا ‏‏:‏‏ هذا أعلم من بقي بالتوراة ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ من قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وحدثني بعض بني قريظة ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ إلى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أعلم من بقي بالتوراة ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ من قول ابن إسحاق ، وما بعده من الحديث الذي قبله ‏‏.‏‏

فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول له ‏‏:‏‏ يابن صوريا ، أنشدك الله وأُذكِّرك بأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فَرُجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ‏‏.‏‏ ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ، وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فأنزل الله تعالى فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا ، وأمروهم ‏بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه ‏‏.‏‏ ثم قال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ، وإن لم تؤتوه ‏‏)‏‏ ، أي الرجم ‏‏(‏‏ فاحذروا ‏‏)‏‏ إلى آخر القصة ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عباس ، قال ‏‏:‏‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما ، فرجما بباب مسجده ، فلما وجد اليهودي مسَّ الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها ، يقيها مس الحجارة ، حتى قتلا جميعا ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ وكان ذلك مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني صالح بن كيسان ، عن نافع مولى عبدالله ابن عمر ، عن عبدالله بن عمر ، قال ‏‏:‏‏ لما حكَّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما ، دعاهم بالتوراة ، وجلس حبر منهم يتلوها ، وقد وضع يده على آية الرجم ، قال ‏‏:‏‏ فضرب عبدالله بن سلام يد الحبر ، ثم قال ‏‏:‏‏ هذه يا نبي الله آية الرجم ، يأبى أن يتلوها عليك ‏‏.‏‏

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ويحكم يا معشر يهود ‏‏!‏‏ ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقالوا ‏‏:‏‏ أما والله إنه قد كان فينا يُعمل به ، حتى زنى رجل منا بعد إحصانه ، من بيوت الملوك وأهل الشرف ، فمنعه الملك من الرجم ، ثم زنى رجل بعده ، فأراد أن يرجمه ، فقالوا ‏‏:‏‏ لا والله ، حتى ترجم فلانا ، فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية ، وأماتوا ذكر الرجم والعمل به ‏‏.‏‏

قال ‏‏:‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ، ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده ‏‏.‏‏ قال عبدالله بن عمر ‏‏:‏‏ فكنت فيمن رجمهما ‏‏.‏‏